تاريخ القدس
يؤكد التاريخ أن القدس عربية منذ حوالي ستة آلاف سنة ، فقد سكنها اليبوسيون – وهم فرع من الكنعانين في الألف الرابع قبل الميلاد ويعتبر هؤلاء أول من أسس المدينة المقدسة حيث سموها يبوس في حوالي عام 2500 ق .م. وفي عهد أحد ملوكهم -ملكي صادق- ظهرت في المدينة أول جماعة اعتنقت التوحيد برعاية ملكي صادق ، فوسع يبوس المدينة وأطلق عليها أورسالم أي مدينة السلام وبنى فيها معبداً كبيراً سماه بيت المقدس وكان هذا الملك تقياً ورعا ومحباً للسلام حتى أطلق عليه ملك السلام ولما حكم سالم اليبوسي القدس زاد في بنيانها وشيد على جبل صهيون قلعة للدفاع عن المدينة وبقيت المدينة المقدسة عربية خالصة حتى فتحها داوود عليه السلام وسماها أورشليم وهو تحريف عبري لاسمها العربي أورسالم
وفي عام 1260 ق . م. تولى قيادة بني إسرائيل يوشع بن نون فعبر بهم الأردن واحتل مدينة أريحا وتركها دكاء وأباد كل سكانها ولكن العبرانيين لم يستطيعوا الاستيلاء على القدس إلا في زمن داوود عليه السلام أي حوالي عام 1000 ق.م. فاتخذها داوود عاصمة له ، ثم حكم سليمان من بعد أبيه أربعين سنة 963-923 ق.م. فبنى الهيكل في القدس بأيدي البناءين الكنعانيين ، وكلمة هيكل ذاتها الكنعانية وهكذا لم تدم دولة اليهود الموحدة إلا حوالي 97 عاما 1020-923 ق.م. وهي نفس المدة التي دامت فيها دولة الصليبين فيما بعد تقريباً . وخلف سليمان ابنه رحبعام الذي انقسمت الدولة في زمانه إلى دولتين
مملكة يهوذا في الجنوب وعاصمتها أورشليم وقد عمرت من 923 –586 ق.م
ومملكة إسرائيل في الشمال وعاصمتها السامرة قرب نابلس وقد عمرت من 927 –الى 722 ق. م وسيطرت الخلافات القبلية على هاتين المملكتين ، ونشبت بينهما حروب دامية حتى أن الملك (يهواش ملك إسرائيل أغار على أورشليم واستباح هيكلها . وهكذا دب الوهن في مملكتي اليهود مما فسح المجال أمام سرجون الآشوري فاستولى على مملكة إسرائيل عام (722 ق.م. وسبى أهلها إلى بابل وأسكن محلهم قبائل عربية نزحت من سورية أما مملكة يهوذا فقد قضى عليها نبوخذ نصر عام 586 ق.م. فأحرق أورشليم وسبى أهلها ودمر هيكلها وغنم كل ما فيه . وقد عمل اليهود جواسيس ضد الدولة الكلدية لمصلحة كورش الفارسي ، مما مكنه من القضاء عليها حوالي عام 539ق.م. فعلت منزلة اليهود عنده ، وخاصة بعد أن تزوج اليهودية أستير وسمح لهم بالعودة إلى أورشليم ، وبنى لهم الهيكل عام 516 ق.م. وظلت السيطرة الفعلية فيها للحثيين ، وبقيت القدس تحت السيطرة الفارسية حتى فتحها الإسكندر المقدوني عام 322 ق.م وبقيت القدس تحت حكم اليونان حتى استولى عليها القائد الروماني ( بومب) عام 63 ق.م. وفي عهد الإمبراطور هارديان حوالي عام 130م قام اليهود بثورة في القدس ، فسحقها بعنف وأبدل أسمها وسماها (إيلياء) وحرم على اليهود دخولها أو السكن فيها ، وفي عام 624 اجتاح الفرس فلسطين واحتلو ايلياء وذبحوا آلاف النصارى فيها وهدموا كنيسة القيامة ، وقد ساعدهم اليهود على ذلك بل وشاركوهم جرائمهم فقتلوا الكثير من النصارى ولكن هرقل استرد القدس وبقي بيت المقدس تحت الحكم الروماني حتى فتحها المسلمون عام 15 للهجرة 636 ميلادية
أبواب القدس القديمة
باب الجديد
الباب الذهبي
باب الخليل
باب الأسباط
باب المغاربة
باب الساهرة
باب النبي داوود
باب العامود
يحيط بالمدينة المقدسة سور قديم يبلغ محيطه حوالي خمسة أميال، ومتوسط ارتفاعه أربعون قدماً، وعليه 34 برجا، وله ثمانية أبواب منها باب واحد مغلق.ويذكر أن اليبوسيين هم الذين بنوا السور الأول للمدينة عام 2000 قبل الميلاد وبنى سليمان عليه السلام السور الثاني وبني السور الثالث أثناء الزحف الأشوري وقد هدمه نبوخذ نصر أما السور الرابع فقد بناه هيرودوس وقد هدمه القائد الروماني "تيطس " عام 70 للميلاد. ولما استولى صلاح الدين على القدس رمم أسوارها واقام عليها العديد من الأبراج وحفر حول السور خند قا أما السور الذي نراه اليوم فقد جُدد معظمه زمن السلطان سليمان القانوني عام 1542
وللمدينة المقدسة 8 أبواب كلها مفتوحة إلا الباب الذهبي
مكانة القدس في الإسلام
للقدس منزلة عظيمة في العقيدة الإسلامية : فهي مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم و معراجه وأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين وقد ذكرها القران الكريم في سورة الإسراء فقال " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من مسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله " سورة الإسراء
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا )
وعن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الجنة لتحن شوقاً إلى بيت المقدس وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم " إن الصلاة فيه – في مسجد الأقصى – تعدل خمسمائة صلاة في غيره من المساجد باستثناء المسجد الحرام والمسجد النبوي "
وفي سنن أبي داود من حديث أم سلمة قالت : من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى مسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ووجبت له الجنة "
وروى أحمد عن ميمونة بنت سعد قالت : يا نبي الله افتنا في بيت المقدس فقال صلى لله عليه وسلم ( أرض المحشر والمنشر ) وفي رواية البيهقي عن أبي ذر مرفوعا ولنعم المصلى ، هو أرض المحشر والمنشر ، وليأتين على الناس زمان ، قوس الرجل حيث يرى منه بيت المقدس خير له وأحب من الدنيا جميعاً
وأخرج الإمام أحمد عن ذي الأصابع قال : قلنا يا رسول الله إن ابتلينا بعدك بالبناء أين تأمرنا : قال عليك ببيت المقدس فلعل أن ينشأ لك ذرية تغدو إلى المسجد وتروح "
وأخرج احمد عن أبى امامة الباهلي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله عز وجل وهم كذلك ، قالو ا يا رسول الله وأين هم ؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ( اخرجه البخاري ) وصدقت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما هي إلا سنوات حتى فتح المسلمون القدس في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ، فيقتلهم المسلمون ، حتى يختفي اليهودي وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر والشجر يا عبد الله يا مسلم هذا يهودي خلفي تعال فاقتله
المسجد الأقصى
المسجد الأقصى: يقع المسجد الأقصى في الجهة الجنوبية من السور وقد شرع ببنائه زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 66هـ-685م ويبلغ طوله 88 مترا وعرضه 35 متراً ويقوم على53 عامودا من الرخام ، و49 سارية مربعة الشكل وعلى يسار المسجد من الداخل جامع مستطيل يدعى مسجد عمر وإيوان كبير يسمى مقام عزير وإيوان صغير يدعى محراب زكريا ومن معالم الأقصى الأثرية منبر نور الدين الشهيد وقد أمر بصنعه نور الدين محمود سنة 563 هجرية ليضعه في المسجد الأقصى بعد أن يطهره من رجس الصليبيين ، وقد صنعه مهرة النجارين في حلب فبدا غاية في الجمال والإتقان ومضت عشرون سنة والمنبر ينتظر ، حتى فتح الله القدس على يد صلاح الدين الأيوبي سنة 583 هـ فأمر بنقل المنبر ونصبه يوم الفتح في المسجد الأقصى حيث خطب عليه قاضي دمشق محي الدين بن الزكي خطبة الجمعة بعد إنقطاع دام حوالي تسعين عاماً ، وقد أحرق اليهود هذا المنبر حينما حاولوا احراق المسجد الأقصى كله عام 1969
قبة الصخرة
مسجد الصخرة : أما مسجد الصخرة فيقع على قمة جبل موريا وتقع تحت قبته الصخرة التي صلى عليها رسول الله صلى اله عليه وسلم إماما بالأنبياء ليلة الإسراء والمعراج ، ويبلغ طولها 18 متراً وعرضها 14 مترا ، وقد بنى هذا المسجد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 66 هـ 685 م وقد تعاون الخلفاء والأمراء بعد ذلك على إعمار هذا المسجد ، وقد تجلى فيه جمال الهندسة المعمارية الإسلامية ، وقد أجمع المؤرخون على أنه من أجمل الأبنية والآثار الإسلامية التي خلدها التاريخ وكان آخر الإصلاحات له في زمن المملكة الهاشمية ، حين تشكلت لجنة إعمار المسجد الأقصى وعملت على عمل الترميمات والتجديدات اللازمة ، ومن أبرزها رفع الألواح الرصاصية التي كانت تغطي قبة الصخرة واستبدالها بقبة جديدة من الألمنيوم المذهب